الخميس 25 ابريل 2024

مشواري الصحفي.. ماتت أمي دون أن تعرف عنه شيئًا

مقالات5-5-2021 | 12:32

بكرة الخميس عيد ميلادي.. فاتت واحد و أربعين سنة لم أحتفل بعيد ميلادي.. آخر مرة كانت سنة 1980.. من ساعتها كلما جاء هذا اليوم يداهمني حزن كبير، حزن مقيم، لا أعرف له نهاية حتى الآن.

سوف يقول من تقع عينيه على سطور هذا المقال: وأنا مالي؟! يا سيدي حد مانعك تحتفل بعيد ميلادك.. ما تحتفل يا أخي وبلاش "خوتة" ووجع دماغ .

سامحوني.. رغم أنها قصة شخصية خاصة جداً، إلا أن الحديث عن النفس جائز أحياناً.

عام 1981 قضيت 3 شهور مع أمي في مستشفي أحمد ماهر، كنت وأختي الكبيرة سعاد مرافقين نتناوب هي يوم وأنا يوم، 7 مايو كانت نهاية رحلة المرض، ماتت أمي فاطمة كمبال، رحلتها مع الحياة خلاص كتبت لها النهاية.

وقتها.. منذ سبتمبر 1980 كنت مجنداً وملحقا بقيادة قوات الدفاع الجوي بشارع صلاح سالم، وبطريقة أو بأخرى كنت أبيت كل يوم في البيت.. ولذلك خدمتني الظروف في تبادل خدمة أمي مع سعاد أختي.

ماتت أمي التي كانت فرحة للغاية أن ابنها سيكون صحفياً مثل ابن خالة والدتها زين الدين شكري نائب رئيس تحرير الجمهورية، ومثل صديق الطفولة والسكن محمود صلاح محرر الحوادث، الذي كانت قد أصبحت له شنة ورنة من أول لحظة دخل فيها أخبار اليوم عام 1975.

ماتت أمي قبل أن ألتحق بمؤسسة دار الهلال بشهرين، لم تقرأ لي خبراً أو تحقيقاً صحفياً، ماتت قبل أن أحقق حلمها الأكبر.

 وطوال تلك الفترة التي قضيتها محررًا تحت التمرين من أول شهر يوليو وحتى عُينت رسمياً في يناير 1983، كان هدفي الأول والأكبر والأوحد أن أثبت لروح فاطمة كمبال أننى حققت أمنيتها، وأصبحت صحفياً يحمل رقم عضوية 3033 في جداول نقابة الصحفيين.

كان أبي يقول لي: "الحمد لله يا ابني إنك بقيت رسمياً صحفي زى ما أمك الله يرحمها كانت بتتمنى.. أنت كده ريحتها في تربتها."

فهمتوا ليه العبد لله بيكره مايو.. ده الشهر اللي اتولد فيه وفيه أيضاً ماتت أمه.. ولدتني أمي 6 مايو 1953 وماتت 7 مايو 1981.. وبقيت يتيم الأم وكان عمري 28 عاماً.

من أول لحظة كان قرارى أن أتزوج الصحافة وأن أهب روحي ونفسى كما الراهب للمهنة، حتى ترتاح أمى في تربتها، وتتأكد تماماً أن "الواد سليمان اللعبي" غير طريقة حياته وبص لنفسه وساب أصدقاء السوء اللي بوظوه وعلموه يشرب السجاير ويسرق سيجارة مونديال من علبة أبوه.

نعم تغيرت حياتي تماماً منذ أن ماتت الحاجة فاطمة، لم أعد سليمان اللي عاد الثانوية العامة 3 مرات، أصبحت سليمان تاني.. سليمان جديد نوفى.

 طوال مشواري الصحفي في بلاط صاحبة الجلالة كنت حريصاً كل الحرص أن أعمل وأجتهد بشدة حتى أعوض سنوات ضاعت من عمري.. سنوات كنت أرى فيها دموع أمي تنسال على مخدتها.. قلقاً على مصير هذا الابن العاق الذي لا يسمع كلام أحد.. لا كلامها ولا كلام أبويا.

آه وألف آه منك يا مايو.. كم أكرهك.. في اليوم السابع ماتت أمي.. وفي اليوم الـ18 من مايو عام 1986 مات أبويا الحاج رحمه الله.
 الحاج عبد العظيم كان حظه أحسن من حظ أمي.. شافني 5 سنين وأنا بشتغل صحفي.. وزارني مرة في مجلة المصور وعدنا معا في سيارتي إلى زينهم.

بعد بكرة ذكرى رحيل الست العظيمة الحاجة فاطمة كمبال الأربعين.. ويوم 18 اللي جاي ذكرى وفاة الرجل العظيم الحاج عبد العظيم.. تعالوا نقرأ الفاتحة.

Dr.Randa
Dr.Radwa