السبت 20 ابريل 2024

دور الإعلام فى مواجهة الهجرة غير الشرعية

مقالات11-4-2021 | 14:19

أصبح تأثير الإعلام ووسائله المختلفة، خاصة بعد الطفرة الهائلة فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مختلف نواحى الحياة واضحاً ولا يمكن إنكاره وصار الإعلام محركاً للعديد من القضايا وموجهاً لها بوسائله الساحرة، و اصبح العالم قرية كونية صغيرة تتناقل فيها الأخبار والأحداث لحظيا ساعة وقوعها.

من أكثر الأنباء التى تثير شهية وسائل الإعلام وتتنافس من أجل الحصول على معلومات عنها هى حوادث الهجرة غير الشرعية التى تحدث بين الحين والآخر والتى اصبحت جزءاً شبه يومى من أخبار العالم، بما تحمله من جوانب إنسانية واجتماعية وراءهذه الظاهرة.

وبداية يعرف البعض الإعلام بأنه كافة أوجه الأنشطة الاتصالية التى تستهدف تزويد الجمهور بالحقائق والأخبار الصحيحة عن القضايا والمشكلات بطريقة موضوعية وبدون تحريف،. أو هو الأخبار بالحقائق بهدف الإقناع عن طريق المعلومات والحقائق والأرقام.

مفهوم الهجرة غير الشرعية

الهجرة ليست وليدة العصور الحديثة، وإنما هى قديمة منذ الأزل، عرفها الإنسان والحيوان والطير منذ بدء الخليقة، فهى صفة فطرية فى المخلوقات جميعا، ولا نبالغ فى القول بأن الهجرة فطرة فى الطبيعة كلها.

وقد اهتمت العلوم المختلفة بدراسة ظاهرة الهجرة والمهاجرين حديثا، من: علوم اجتماعية، وإحصائية، واقتصادية، وأمنية، وتعليمية، وقانونية، وطبيعية، وسياسية، وعمرانية........ الخ، وذلك لما لظاهرة الهجرة من آثار واسعة فى المجتمعات البشرية المختلفة، ولما لها من انعكاسات على كل الأفراد المهاجرين، والمهاجر أليهم.

والهجرة غير الشرعية هى أحد شكال الهجرة التى ينتقل بموجبها الأفراد من مكان إلى آخر بصورة مخالفة لما تضمنته المعاهدات الدولية والقوانين المحلية، فيستخدم المهاجرون غير الشرعيين وثائق مزورة، أو يستعينون بشبكات الجريمة المنظّمة للدخول إلى بلاد المهجر، ويندرج من ضمنهم أيضاً من يحوزون على موافقات رسمية من الدول المستضيفة لكنهم يمكثون فترة أطول من تلك المصرحة لهم قانونياً، بالإضافة إلى طالبى اللجوء الذين لم يحصلوا بعد على موافقة لطلبهم

أهم أسباب الهجرة غير الشرعية:

- الأسباب السياسية

 مثل التهميش والإقصاء السياسى لبعض الفئات فى المجتمع أو انتهاج النظم الحاكمة للنهج الديكتاتورى وحرمان المجتمع من حرية ابداء الرأى والتعبير ، وانعدام السلم فى أرض الوطن بفعل صراعات أهلية أو حروب دولية، فلا يجد المواطن المنكوب خياراً أخر غير الهجرة غير الشرعية، إن أغلقت أمامه أبواب الهجرة الشرعية للهروب من الحرب.

- الأسباب الأقتصادية

فشل المشروعات التنموية فى الدولة، وتفشى البطالة، و احتكار طبقة واحدة لموارد الثروة وتهميش باقى الطبقات يؤدى لحالة من اليأس لدى الناس، مما يدفع الكثيرين إلى الهروب من بلادهم الأصلية إلى بلاد أخرى يتمتعون فيها بمعيشة أفضل، ويحصلون فيها على رواتب مجزية.

- الأسباب الاجتماعية

الهجرة الداخلية بحثا عن الرزق وعدم تطوير البنية التحتية للمجتمع وظهور المناطق العشوائية ادى لنقمة العديد من الشباب على المجتمع وتفشى الحقد الطبقى بينهم فباتت فكرة تكوين الذات خارج البلاد والاستقرار لاحقاً فكرة مقبولة لدى الكثيرين

أهم الآثار المترتبة على الهجرة غير الشرعية:

- النيل من سمعة الدولة وهيبتها أمام الرأى العام المحلى والخارجي، وعدم قدرتها على السيطرة على حدودها وحركة المهاجرين عبرها

- استغلال بعض الدول التى تقيم معسكرات ايواء للمهاجرين الغير شرعيين على اراضيها لهذا الأمر فى الضغط على جيرانها من اجل الحصول على مكاسب سياسية أو تفاوضية والتهديد من حين لأخر بفتح حدودها وطرد المهاجرين إلى دول الجوار، وهو الأمر الذى قد يهدد السلم والأمن الدوليين فى حالة اندلاع نزاع بين هذه الدول( تركيا والضغط بورقة اللاجئين السوريين)

- تغيير البناء الوظيفى فى الأسرة، فتلعب الزوجة دورى الأب والأم، وتؤدى مسؤوليات مضاعفة نتيجة لغياب الزوج.

- ارتفاع معدلات الجريمة، فتزيد الهجمات الإرهابية، وجرائم تهريب وتعاطى المخدرات، هذا عدا جرائم التزوير وغيرها الكثير.

- ارتفاع حدة التعصب وتأزم الصراع الثقافى بين المهاجرين المحملين بمعتقدات مغايرة عن تلك السائدة فى المجتمع الذى يعيشون فيه.

- تراجع قوة العمل فى البلاد المصدّرة، حيث تنخفض نسبة الأيدى العاملة الفتيّة، وتُفقد الخبرات الفنيّة والمهنيّة اللازمة للنهوض بالاقتصاد ودفع عجلة التنمية.

- البعد عن الوطن، والأهل، والأقارب، والأحباب. فقد الشعور بالاستقرار

- التخلى عن الكثير من العادات، والتقاليد، والمبادئ؛ وذلك للتأقلم مع الحياة الجديدة

- اكتظاظ المهاجرين فى أحياء تفتقر إلى التخطيط الهندسيّ.

 

كيف تتعامل وسائل الإعلام مع هذه القضية:

- التغطية التقليدية (مل الأعتماد على الأخبار الرسمية عن هذه الحوادث، أو اذاعة لقطات أرشيفية قديمة لحادث مماثل، أو متابعة فى الاستوديو دون محاولة القتراب من واقع الظاهرة)

- عدم طرح الحلول المناسبة لمواجهة الظاهرة (كتوجيه الشباب للفرص المتاحة للعمل والأنتاج)

- بث روح التشاؤم فى المجتمع وعدم امكانية حل الظاهرة خاصة فى حالة تكرار الحوادث دون إجراءات رادعة)

- فرض اتهامات جاهزة لكل الأطراف المعنية (للحكومة والدولة لعدم حل اسباب المشكلة، والشباب الطائش الذى غامر بحياته من اجل ايجاد فرصة لتحسين وضعه).

-غلبة الطابع الإخبارى والنقدى فى تناول مضمون الظاهرة على الجانب الاستكشافى والتحليلى الذى يحاول كشف الأسباب ومعالجة الظاهرة والتنبيه إلى خطورتها مسبقا (صحافة رد الفعل).

- تنميط صورة المهاجرووضعها فى قالب الشاب العاطل اليائس محدود التعليم، الطائش، الذى يلوث سمعة بلاده.

-الإدانة السريعة للمهاجر الذى قامر بحياته، دون البحث فيما دفعه لتفضيل جنة الخارج على ضغوط الداخل.واتهام المهاجر بالمبالغة فى تبرير هجرته

الدور المأمول للإعلام فى مكافحة الهجرة غير الشرعية

- تكرار الرسائل الإعلامية بشكل متشابه حول قضية الهجرة غير الشرعية مما سيؤدى إلى تأثير تراكمى على المتلقى الذى بدوره عاجلا ام أجلا يستجيب للقضية المطروحة.

- التأثير الشامل على الفرد: ويقصد به أن يكون الاتصال بالفرد على مدار وقته اينما كان فى العمل ام البيت ام السيارة وحتى عن طريق الموبايل وذلك فى الاشتراك بتطبيقات متعددة تساهم فى الوصول اليه بشكل مباشر.

 -التجانس الإعلامى: بمعنى أن تكون الرسائل المطروحة للمتلقى هى نفسها التى تصدر من اصحاب السلطة وتكون منسجمة ومتناسقة مع اصحاب القنوات الذين دورهم نقل الخبر للمتلقي.

استخدام الاستمالات العاطفية بالبدء بإثارة عواطف المتلقي، ومن ثَمّ مخاطبة عقله لتوعيته بخطورة الظاهرة.

- تكوين مركز للتوثيق الإعلامى حول الهجرة غير الشرعية يضم البرامج التلفزيونية والإذاعية والأعمال الصحفية التى تناولت هذه القضية.

- إنجاز أعمال سينمائية مشتركة تقدم صورة متوازنة وإنسانية عن قضية الهجرة غير الشرعية.

- تنظيم حملات إعلامية لمساعدة الشباب على عدم السقوط فى براثن شبكات الجريمة المنظمة التى تستغل ظروف الشباب وتستدرجهم إلى محاولات الهجرة غير الشرعية.

- إدماج مواضيع الهجرة غير الشرعية وأهمية الانتماء للوطن فى برامج التعليم لتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية منذ الصغرو تعزيز روح الانتماء لدى الشباب كأحد الأساليب غير المباشرة للحد من الهجرة غير الشرعية

- الاستفادة من فن الكاريكاتير والفنون الشعبية فى إيصال الرسالة المعنية بمخاطر الهجرة غير الشرعية لفئة مهمة من الجمهور.

- الاستعانة بالخطاب الدينى فى التوعية وذلك من خلال البرامج الدينية فى الراديو والتليفزيون ودور العبادة.

- الاستعانة بقادة الرأى فى المجتمع (رياضيين – ممثلين – أدباء – رجال دين) لنشر الوعى والتعاون مع مؤسسات انفاذ القانون للحد من هذه الظاهرة والعمل على معالجة اسبابها.