الجمعة 19 ابريل 2024

المايسترو.. ونسور سلاحنا الجوي

مقالات9-4-2021 | 17:39

في ليلة موكب المومياوات الملكية تلألأ في سماء الحدث البارز نجوم لامعة، على رأسها الموسيقار المصري نادر عباسي، الذي صنع بعصاه أوركسترا بديعة في حضرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على مسرح المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، الذي يشبه في تصميمه معبد فرعوني عتيق تزدان جدرانه بنقوش هيروغليفية تروي أسرار التاريخ والحضارة.
 
الفضل في نجاح أي أوركسترا ينسب إلى المايسترو، فبينما يتقن كل عازف باحتراف فنون اللعب على أوتار أو مفاتيح آلته الموسيقية، إلا أن ذلك لا يكفي، حيث تظل عصا المايسترو هي البوصلة التي تحرك كل ذلك الجمع، وتضبط الإيقاع، وتصنع اللحن، وتترجم الرموز فوق أوراق النوتة إلى موسيقى بديعة، تروي ظمأ "السميعة" وعشاق الفن الراقي.  
 
كما أن للأوركسترا المايسترو الخاص بها، فالحرب أيضاً لها إيقاع خاص بها يحتاج إلى أن ينضبط، واليوم تودع مصر محارباً من طراز فريد، هو الفريق صلاح المناوي، الذي كان بمثابة المايسترو للسلاح صاحب كلمة السر في نجاح حرب أكتوبر 1973، وتحقيق النصر واستعادة الأرض، وهو سلاح الطيران، الذي صنع بإحترفية شديدة وشجاعة نادرة غطاء جوي منيع مكن القوات المسلحة من العبور نحو الضفة الأخرى.
 
الفريق المناوي، كان حينها لواء طيار أركان حرب اختاره القدر ليكون رئيس عمليات القوات الجوية خلال معركة تحرير الأرض وإستعادة الكرامة، وكانت مهمته شديدة الدقة والخطورة خلال هذه المعركة، لا تحتمل مساحة الخطأ، تتمثل في تحديد توقيت انطلاق كل طائرة حربية، من كل مطار في أنحاء مصر، باختلاف طرازاتها وسرعاتها وقدراتها القتالية، كي تتجمع تلك الطائرات في نقطة محددة في الجو، لتكون سرباً ينطلق نحو الهدف المنشود لشن غاراته وتدميره، مع شل قدرة العدو على المناورة ورد الفعل ثم عودة الطائرات إلى قواعدها بسلام.
 
مهمة المايسترو لا تحتمل الخطأ، وكذلك كانت مهمة الفريق صلاح المناوي في حرب أكتوبر، وربما شاء القدر أن يرحل البطل العظيم في لحظة فارقة من تاريخ الوطن، كي نتذكر فصلاً مهماً من كتاب سلاحنا الجوي الباسل، الذي تتعلق قلوب المصريين به مع كل خطر خارجي يلوح في الأفق، فهو الفزاعة التي طالما أرهبت أعدائنا، والذي حرصوا في عام 1967 على تدمير هذا السلاح بالكامل، ثم إطمأنوا دون أن يتوقعوا أن يستعيد قدراته القتالية بهذه السرعة بفضل جهود المايسترو "صلاح المناوي" ورفاقه الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه.
  
سلاح الجو المصري ذراع عنيد لم تمتد يوماً بالبطش أو انتهاك الحقوق في أية وجهة، ولكنها كانت دومأً قادرة على استعادة الحق والرد على كل عابث، جاهزة في كل وقت وحين لتنفذ نسورنا طلعاتها الحاسمة لحماية مقدرات هذا الوطن وحقوق أبناءه والأجيال القادمة.