الخميس 18 ابريل 2024

هشام نزيه موسيقار الملوك

مقالات5-4-2021 | 16:38

تلك العظمة التي أبهرتنا في موسيقي موكب نقل مومياوات الملوك أول أمس كان وراءها تاريخ من التميز  للمؤلف الموسيقي هشام نزيه شهدت به أفلامه التي زادت عن ستة وعشرين فيلما حصل في الكثير منها علي جوائز وبدا منها أنه صاحب رؤية وحس وجرأة يقف وراءها موهبة كبيرة وثقافة موسيقية وبحثية أعترف بها أغلب النقاد كما إعترف له الجميع بقدرته علي طرح مالم يكن مألوفا في الموسيقي التصويرية وفي الألحان.

وإذا عدنا إلي موسيقي الحدث العالمي موكب مومياوات الملوك سنجد أن هشام نزيه قبل أن يضع موسيقاه درس وعرف عن الموسيقي المصرية القديمة الكثير، وخاصة عصر الأسرة التاسعة عشر وما بعدها وهي الأسر التي جاء منها الملوك أبطال الحدث، ففي تلك الفترة أضيفت الطبول والدفوف إلي آلات الهارب والناي، وفي ذاك العصر إقتصر الغناء علي الأصوات النسائية(المغنيات) فقط وكذلك قارعات الطبول وضاربات الدفوف، لذا إعتمدت مساحة الغناء في الموسيقي التي وضعها هشام علي أصوات ثلاثة من المطربات تمتعن بالإحترافية الشديدة هن ريهام عبد الحكيم ونسمة محجوب والسوبرانو أميرة سليم وقد أستخدم إحترافيتهم في عمل مزج رائع بين النغم الشرقي والغربي والأوبرالي بلحن خرج من رحم الموسيقي المصرية القديمة وبتعبير ذاتي لهشام نزيه نفسه كحفيد لهؤلاء الملوك.

بل إنه قام بتلحين ترنيمة مصرية قديمة باللغة الهيروغليفية ليعمق الروح الفرعونية في مقطوعته الموسيقية التي فاجأنا فيها بإستخدامه لآلة الربابة بحسها الشعبي الجنوبي، حيث كانت الموسيقي في تلك الحقبة قد بدأت في الخروج من حيز الأناشيد الدينية والجنائزية نسبيا والإستلهام من الألحان التي يغنيها العامة في مناسباتهم، ومن هذه الخلفية الثقافية جاءت جرأة هشام نزيه لإستخدام الربابة والناي ضمن الأوركسترا السيمفوني الذي ضم أكثر من مئتي عازف للآلات النحاسية والوترية بالإضافة إلي قارعات الطبول والدفوف، بل جاءت فرصته في صياغة الأنشودة الهيروغلوفية التي تمجد (إيزيس) بلحن جنوبي متماسك يمكن حفظه رغم صعوبة الكلمات حيث أن روحه إستلهمت الهوية المصرية الأصيلة وتلامست مع جذور الذاكرة الموسيقية لوجداننا في الجنوب المصري، وأظن أن(الميلودي) المميز في هذا اللحن سوف يلقي شهرة وانتشارا في الأوبرات العالمية والمعزوفات الأوركسترالية.

يبقي أن أذكر أن تنفيذ هذه الأفكار وتلك الرؤي القديمة الحديثة لم يكن ممكنا بدون مايسترو يعشق صناعة التناغم بين مختلف المدارس الموسيقية والأفكار الإبداعية في إطار عالمي راقي وقريب هو المايسترو نادر عباسي قائد أوركسترا الإتحاد الفلهارموني الذي بني علي فكرة إتحاد كافة الآلات وكافة المدارس في إطار أوركسترالي عالمي ينقل مصريتنا إلي العالم، وينبهنا لعظمة موسيقانا عندما توضع في قالبها الذي تستحق، تحيه للموسيقار هشام نزيه وللمايسترو نادر عباسي وللمدون الموسيقي الشاب أحمد الموجي علي العظمة التي شاهدناها وسمعناها تعبيرا عن الحدث التاريخي.