السبت 20 ابريل 2024

ثورة رد المظالم

أخرى27-1-2021 | 11:17

بدأ قطز حكمه بمواجهة معضلة خطيرة، وهي صد التتار المتوحشين القادمين لغزو مصر بعدما أسقطوا الخلافة الإسلامية، ودمَّروا بغداد، واجتاحوا الشام.. لم يكن قطز يستطيع صدَّ التتار بجيشٍ متشعب الولاءات بين الأمراء الذين يبحثون عن مصالحهم، ولا بشعب لاهٍ عن الجهاد وتبعاته؛ لذا بدأ بتنفيذ خطة محكمة؛ إذ بدأ بحشد جهود العلماء المخلصين ولم يكن للشعب أن يتبع خطوات العلماء ما لم يكن الحاكم نفسه يفعل ذلك، لذا لمّا أراد فرض ضريبة على الشعب لتجهيز الجيش، وأفتى العز بن عبد السلام بعدم الجواز إلا بعد أن يُخرِج الأمراء ما عندهم من أموالهم وأموال نسائهم وجواريهم؛ كان قطز أول مَن نفَّذ تلك الفتوى على نفسه، ثم طبقها على بقية الأمراء.

 كما حرص محمد علي، على التخلص من المماليك لما يمثلون له مشكلة صعبة بسبب سيطرتهم على إيرادات مصر بسبب نظام الالتزام، وليتجنب حدوث صداماً مباشراً معهم، ويعود تاريخ الإقطاع  لهذه الحقبة عندما أعاد محمد علي توزيع الأراضي الأميرية علي أقاربه وكبار الأعيان وغيرهم من المقربين فوزع مئات وآلاف الأفدنة وأنشأ طبقة جديدة من النبلاء الإقطاعيين.

 وكانت هذه الطبقة قد ثبتت في نفوس الفلاحين أن ملكيتهم تعتبر حقاً ربانيا لا يجوز الاعتداء عليه وقد تبني هذه  العقيدة وروج لها الإخوان المسلمون الذين لم يطالبوا مطلقآ بتحديد الملكية وإنما طالبوا علي لسان مرشدهم حسن الهضيبي المشرف العام علي أطيان الملك قائلا "يجب أن لا يسمح لملاك الأرض بأن يؤجروا أراضيهم للفلاحيين نظير مبالغ ثابتة بحيث إذا طرأ ما يؤثر على  المحصول وقع الفلاحون في الدين، فيجب أن يتم  إيجار الأرض علي أساس نصيب غلتها وبهذا يحصل المستأجرين علي  جزء من جهودهم " وجاءت ثورة يوليو لتطيح بالاستبداد والظلم والمذلة وقطعت رقاب الطبقية والتمييز والعنصرية، وحققت العدالة الاجتماعية وصدر قانون الإصلاح الزراعي لينتشل الفلاح من بئر الذل والهوان إلى قمة علياء رافعا رأسه يتساوى مع الإقطاعيين، وحرر الرئيس جمال عبدالناصر الفلاحيين والشعب المصري من الذل والاستعباد، وبعد نجاح ثورة 23 يوليو وتحقيق أهدافها وعلى رأس أولوياتها كانت العدالة الاجتماعية ودافع عبدالناصر على الفقراء إلى أن حصلوا حقوقهم كاملة وأباد أباطرة الإقطاع والفساد لتمر السنين والأيام ليعود مماليك العصر الحديث وأباطرة الإقطاع الجدد الذي استباحوا قوت وأموال وأراضي الشعب المصري بمساعدة الفاسدين من أهل النفوس الضعيفة لينهبوا ويستولوا على أكثر من ثلاثة ملايين فدان .

 وكأن التاريخ يعيد نفسه بعد أكثر من ستين عاما، يقود الرئيس عبدالفتاح السيسي ثورة رد المظالم بمبادرة حياة كريمة لأكثر من 58 مليون مواطن في  قرى وريف مصر من جنوبها لشمالها، من خلال تنمية شاملة في وقت محدد يستفيد منها وبسواعد أبنائها أهالي القرى المحرومة  منذ زمن بعيد، وتهدف هذه المبادرة التي تعد المشروع القومي الكبير للرئيس عبدالفتاح السيسي لإنشاء وحدات صحية بالقري المحرومة ومدارس وإحلال وتجديد خطوط شبكات المياه، وصرف صحي وتبطين الترع والمصارف وتوفير كافة الخدمات من إنشاء وحدات إسعاف ومطافئ، وكهرباء وغاز طبيعي، وغير ذلك  الكثير.

لم تكن ثورة رد المظالم التي يقودها الرئيس السيسي متمثلة في هذه المبادرة فقط، بل استطاع إعادة الأراضي المنهوبة وإنفاذ القانون علي الجميع بدون استثناء، لينتصر للشعب المصري الذي يقف خلف قيادته ويدعمه بكل قوة ،وكأننا نعيش فرحة جديدة ونصر عظيم علي  الفاسدين والأباطرة من الإقطاعيين الجدد.

 ثورة رد المظالم والتنمية الشاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية التي انطلقت تعتبر إعادة لهندسة الثروة المصرية وتوزيعها على أبناء الوطن في الريف المصري  الذي عانى الحرمان من أنظمة فاسدة كان همها الأول والأخير أنفسهم، وشاءت  عدالة الله أن يجني المواطن المحروم ثمار تحمله ووقوفه خلف قيادته الحكيمة .

 وبالرغم أنه ما زال هناك بعض المسئولين ببعض القطاعات  والمؤسسات المختلفة   يحاولوا عرقلة  ثورة رد المظالم  وتحقيق العدالة الاجتماعية .. ولكن ما عهدناه دائما من أجهزة الدولة ألرقابية والأمنية ممثلة في القوات المسلحة والرقابة الإدارية والشرطة المصرية الذين يبذلون جهودًا جبارة لمواجهة هؤلاء وأباطرة الفساد ولصوص الأراضي والإقطاعيين الجدد ودعاة التوريث ستأتي اللحظة التي تحقق ثورة رد المظالم التي يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي أهدافها كاملة هي الأبرز كما حققها الرئيس جمال عبد الناصر من تحقيق العدالة الاجتماعية، وإصدار  قانون الإصلاح الزراعي وتمكين أبناء البسطاء من التعليم والالتحاق بالوظائف العامة كالقضاء وغيره وتنجح ثورة رد المظالم لتكتمل مصر الحديثة على كل شبر في مصر.