الثلاثاء 23 ابريل 2024

القانون وجرائم الخيانة الزوجية (2)

أخرى19-1-2021 | 20:16

خيانة برعاية القانون


ينص الشطر الثانى والأخير من المادة 274 التى تعاقب على الزنا بالحبس لمدة لا تزيد عن عامين، ففيه العجب العجاب إذ يقرر بالحرف بعد النص على عقوبة الزوجة الخائنة "لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت".


فلم يكتف السيد المشرع بوضع عقوبة هزيلة لجريمة تهد كيان الأسرة والمجتمع بتدميرها بيت الزوجية، فرأف بحال الزوجة الزانية وبشريكها في الجريمة إذ أعطى الزوج الحق في وقف تنفيذ هذا الحكم برضاء معاشرة الزوجة و"خلاص اللى اتكسر يتصلح والمسامح كريم".


لكن هل وضعت هذه المادة لمجرد مبدأ التسامح برضاء عودة الزوجة التى خانت العهد ولوثت الميثاق الغليظ؟!.


وبالطبع ليس لنا أن نتدخل في خصوصيات الزوجين، ولابد ألا نغلق كل أبواب الغفران، حتى لو تعلق الأمر بجريمة شنعاء ولو لم يرها القانون كذلك، لكن هل بالفعل استخدم الأزواج المكلومون في شرفهم حقهم هذا لمجرد مبدأ السماح لجل خاطر ست الملاح؟ّ!.


وأبدًا لم أر في الوقائع التى عاينتها وشاهدت أطرافها كصحفى تخصص في أخبار الجريمة، في أقسام الشرطة أو بعضهم بعد الإبلاغ عن هذه الجرائم وهم في قمة الانفعال ولديهم إصرار على استكمال القضية بعد اكتشاف الواقعة التى غالبا ما تتم بفضيحة وهتكة كبيرة ويسمع بها الدانى  والقاصى، لكن لا تدرى ماذا يحدث في طريق العرض على النيابة، إذ كثيرا ما كنت أرى تراجعا حادا عن استكمال التحقيق الذي لو تم بإحالة القضية إلى المحكمة فمن حق الزوج كذلك التنازل في أى مرحلة من مراحل الدعوى والتقاضي وحتى بعد تنفيذ العقوبة.


لكن الوقف الذي يملكه الزوج، كما رأيت وسمعت وعاينت، لا يأتى ترسيخا لمبدأ السماح والحفاظ على استقرار الأسرة، بل في الغالب يتم بشكل برجماتى نفعى مقيت لا يمت لأى من تلك المعانى الجميلة بصلة، فتبدأ الأطراف في المساومات و"تنازلى هناك وأنا اتنازل هنا".


والتنازلات تبدأ من المؤخر والنفقة والقائمة وحتى أشياء أخرى!.


هل أحدثك عن المهندس الذي تنازل عن الدعوى ضد زوجته الصيدلانية؟! وذلك بعد أن أيقظ سكان العمارة عندما ضبط زوجته مع عشيقها لاعب كمال الأجسام، وكانت هتكة كبيرة، ولكن انتهت بتنازلها عن نصف الصيدلية التى تملكها بعد تسوية الحسابات بينهما كشريكين تجاريين قبل أن يكونا شريكين في بيت الزوجية مقابل تنازله عن الاستمرار في تحريك الدعوى.


أم أخبرك بقصة البحار الذي تنازل لزوجته الراقصة في فرقة للفنون الشعبية؟! نظير تنازلها عن المؤخر والنفقة وقائمة المنقولات.


أم أحبطك بقصة الفلاح الذي جاءت وراءه القرية بكاملها إلى المركز بعد ضبط الزوجة تزنى في بيت الزوجية، ثم تنازل ولكن بدون مقابل فقط من أجل الأولاد؟!.


ودعنى أذكرك وأذكر نفسي بقصة العريس الذي تحدثت مصر كلها عن ضبطه عروسه قبل مرور شهر على الزواج مع ابن رجل أعمال شهير وصاحب سلسلة مدارس كبرى، داخل عش الزوجية الجديد إذ أبلغه الجيران بتردد شاب شيك على عروسته بمجرد خروجه للعمل وكانت فضيحة وجرسة إذ تم كسر الباب في وجود الشرطة وعشرات من الأهالي بالمنطقة والمناطق المجاورة وتم ضبط العشيقين في وضع التلبس الكامل!.


وأصر الزوج على المضى في الإجراءات حتى أحالت النيابة القضية للمحكمة واختفى العريس وقيل إنه خبأ نفسه من جراء مطاردة رجل الأعمال وإغراءاته بعرض مبالغ كبيرة نظير التنازل الذي يستفيد منه ابنه الشريك بجريمة الزنا بالتبعية، ولكن في يوم المحاكمة وعندما نطق الحاجب "محكمة" معلنا دخول القاضي الذي جلس على منصة العدالة ليبدأ يوما مشحونا بالقضايا، إذ دخلت محامية وقدمت نفسها إلى المحكمة بأنها وكيلة الزوج وقدمت توكيلا موثقا من شهر عقاري طنطا وألحقت به تنازلا موثقا الشهر العقاري نفسه صادر من الزوج يقرر فيه تنازله عن الدعوى!

وكل ذلك بموجب الشطر الثانى من المادة المشار إليها آنفا!.


فهذه المادة كأخواتها من المواد التى تضم المنظومة العقابية وتشير بوضوح إلى مدى الانفصام ما بين المجتمع بأعرافه وتقاليده وعاداته وبين القانون الذى تم وضع مواد كثيرة منه في ظروف -على الأقل الآن- مجهولة وغامضة.


هذا ومازالت العجائب تتوالى مع مجموعة نصوص لعقوبات وضعت لجرائم الخيانة الزوجية وسنتناولها في المرة المقبلة!.


لقراءة الجزء الأول من المقال اضغط على الرابط:  القانون وجرائم الخيانة الزوجية (1)

    Dr.Randa
    Dr.Radwa