الخميس 25 ابريل 2024

اقتصاد أفريقيا ما بعد الجائحة

أخرى18-1-2021 | 12:15

في واحد من أهم التقارير التي صدرت مؤخرا عن الاقتصاد الأفريقي ما بعد الجائحة (كوفيد 19)، جاء التقرير الصادر في نسخته الثانية عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد بالعاصمة المغربية (الرباط)، وذلك بعنوان "اقتصاد أفريقيا"، محاولا الإجابة علي تساؤل رئيسي بشأن مستقبل الاقتصاد الأفريقي في ظل التحديات الناجمة عن تداعيات الجائحة، حيث استعرض التقرير واقع الاقتصاد الأفريقي بنقاط قوته ومعوقاته، مميزاته وعيوبه، ما يجب تصحيحه وإعادة تنظيمه وما يتعين صيانته وتقويته وتوطيده؛ لذلك فقد ركز التقرير علي القضايا الاقتصادية والموضوعات المتعلقة بالاندماج القاري والحوكمة، كما القي الضوء علي أوضاع المنظمات الأفريقية وصمود الدول في ظل الجائحة، إضافة إلي قضايا النمو الاقتصادي وسوق العمل والهجرة والأمن الغذائي، وغيرها.

 كما تطرق التقرير إلي مجموعة من التحديات والمقاربات التي تنبني علي أساسها الديناميكيات المتغيرة للقارة، سواء تعلق الأمر بالتحديات الاقتصادية والإنمائية أو بتحدي التنسيق بين الاستجابات الدولية والوطنية، أو ما وراء المؤسسات من ضرورة وجود نموذج جديد يتسم بمقاربات تنبثق من أسس الحوكمة وآلياتها بشكل يتماشى مع خصوصيات القارة الأفريقية.

 وغني عن القول إن دراسة محاور التقرير وتحليلها أمرا جديرا بالنظر للوقوف على مآلات الأوضاع الاقتصادية في القارة الصاعدة التي تواجه تحديات جمة بعضها يتعلق بالداخل الأفريقي سواء في العلاقات بين دولة أو العلاقات داخل حدود الدولة الواحدة، وبعضها الآخر يتعلق بالتدخلات الدولية والإقليمية التي تزايدت بشكل ملحوظ، بما يهدد بعودة القارة من جديد كساحة للمعارك الدولية وكسب النفوذ كما كان الحال في عهد الاستعمار التقليدي الذي تحررت منه القارة في خمسينيات وستينات القرن الماضي وإن ظل قابعا داخلها بشكل غير مباشر ولكن اليوم عاد هذا الاستعمار بشكل أكثر ظهورا. وجاءت الجائحة الفيروسية (كوفيد 19) لتضيف تحديا جديدا لدول القارة وشعوبها.

 ولكن رغم صعوبة المشهد وقتامته إلا أن الأمر لا يجب أن يدفعنا إلي الاستسلام إلي مصير أشبه بمحتوم كما يحاول البعض تصويره، وإنما دائما يجب أن ننظر إلي الأشياء من منظور أن الأزمات تولد من رحمها الانطلاقات، وهذا هو ما ختم به التقرير، حينما أكد على أن البشرية وإن صارت تعيش، بفعل صدمة الجائحة، مرحلة يستحكم فيها الخوف من الدمار والرهبة من فقدان السيطرة علي مستقبل الإنسانية أكثر من أي وقت مضى؛ غير أن هذه الأزمة الصحية، في ظل تشابكاتها المعقدة والمتعددة، أعطت، في المقابل، زخماً جديداً لحرية التعبير، بعيداً عن المسارات المحددة لما هو صائب فكرياً والفكر الأحادي لكشف طرق جديدة لـلعيش المشترك، من منطلق أنها حثت المفكرين علي اتخاذ المبادرة وممارسة قدرتهم علي التخلص من النماذج المغلقة وتحرير الفكر وخلق خطاب آخر تمهيداً لولادة عالم ما بعد الجائحة.

 تلك هي خاتمة التقرير والتي نقلتها نصا دون تعديل، لتؤكد علي أن المستقبل رغم تحدياته إلا أن عبوره والولوج إلي متطلباته يحتاج إلي مقاربات مغايرة ورؤي قادرة علي الإبداع بعيدا عن نمطية التفكير التي تهيمن علي البعض فلا يجد في الإمكان افضل مما كان، لأن التفكير بهذا المنطلق يعني توقف الحياة وموت الفكر وانتهاء العمل، ولكن القارة الأفريقية قارة المستقبل بأحلام أبنائها وطموحات قادتها وإصرار شعوبها، تلك هي الرسالة التي تحملها القيادة السياسية المصرية في توجهاتها نحو القارة الأفريقية والعمل علي النهوض بأوضاعها وتنمية مجتمعاتها ورفاهية شعوبها.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa