الجمعة 19 ابريل 2024

تمكين الشباب سياسيًا.. صناعة محلية

أخرى16-1-2021 | 14:28

ضج ميدان التحرير قبل 10 سنوات بالتظاهرات الرافضة لنظام سياسى شاخ وانتهت مده صلاحيته ، كان الشباب هم أبطال نقطة الصدام الأولى مع النظام المتكلس ، كان حلم التغيير يسيطر على الجميع حتى انتهت اللحظة الثورية وتوارت نشوه الانتصار على النظام ، وحل محلها الندم والحسرة عقب صدمة التعامل مع واقع إقصائى يبشر بدولة دينية رجعية بعيدة تماما عن أحلام العيش والحرية و العدالة الاجتماعية التى تكسرت على صخرة جماعة الإخوان الإرهابية .


نصبت الجماعة الإرهابية فخاً لشباب تلك الفترة بعدما اكتشفت سذاجته السياسية وانشغاله بالتظاهر كأداه وحيدة للتعبير عن رأيه ، واستغلت اللحظة للاستيلاء وحدها على كل مفاتيح السلطة ، و قررت الغدر بالشباب وتمكين اتباعها وحلفائها من السلطة التشريعية حتى أنها استبعدت ما سمى وقتها بشباب الثورة من تحالفتها الانتخابية باستثناء الشباب القريبين من الجماعة ، ونجحت فى اختراق المؤسسات الحقوقية واجتذبت المؤثرين على السوشيال ميديا ، وعبرهم سيطرت على حركتهم على السوشيال ميديا وشرعنة احتكارهم للسلطة باعتبارهم ممثلى 25 يناير الوحيدين .


خرج الشباب من حراك 25 يناير غاضبين ، فلا هم غيروا الواقع ولا حققوا العدالة الاجتماعية ، بل ووجدوا مصر قد سقطت فى مصيدة الدم والإهاب والتطرف وإقصاء الأخر ، فقرروا التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فكانت ثورة 30 يونيو .


والحقيقة أن حركتهم فى 30 يونيو تناغمت مع حركة التاريخ ، فقد كانت مصر على موعد مع انطلاقة جديدة للدولة على يد الرئيس عبد الفتاح السيسى ، الذى تقدم بشجاعة وقرر تحمل المسئولية فى لحظة تاريخية فارقة فرضت على العالم احترام القرار المصرى بالتخلص من قوى الرجعية والتخلف والتقدم للأمام من أجل تحقيق حلم التقدم والتحديث والعدالة الاجتماعية التى نادى بها الشباب فى يناير 2011.


لم يلتفت الرئيس لما تردده فضائيات الإعلام الإخوانية ، وتحرك إلى الأمام للبناء ومكافحة الإرهاب وتمكن من بناء الدولة الجديدة بتضحيات شهداء القوات المسلحة والشرطة وبسواعد الشباب العامل فى كل شركات البناء والتعمير وغيرها ، ثم اتجه إلى تدارك خطأ يناير بتمكين الشباب سياسياً وترك خلف ظهره حديث المشككين فى قدرات الشباب وقرر أن تكون التجربة هى الفيصل ، مع الحفاظ استدامة التغيير فى المناصب القيادية حتى يحافظ على تجديد الدماء باستمرار داخل الدولة .


ولأول مرة تشهد مصر تجارب لتمكين الشباب وتأهيلهم سياسياً عبر برامج صناعة محلية ، فظهر البرنامج الرئاسى لتدريب الشباب على القيادة  والأكاديمية الوطنية للتدريب وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين والتى نجحت فى فتح الباب أمام الأجيال الجديدة من الشباب المصرى للمشاركة السياسية الفاعلة وليكتسبوا خبرات القيادة بشكل عملى مع ترك الحكم على أدائهم للناس الذين قد تعيد انتخابهم أو تتجه إلى وجوه جديدة وفق قواعد الإحلال والتجديد السياسية .


لقد انصفت الدولة الشباب بوجود هذه النسبة المعتبرة فى البرلمان ، ثم انتصرت تنسيقية شباب الأحزاب بتقديم وجوه مؤهلة من الشباب وتمكينهم من التواجد بقوة فى لجان المجلس ، لكنها ألقت عليهم ايضا بعبء المسئولية عن نجاح التجربة ، وبقاء أحزابهم فى المستقبل ، فالشباب الذى يمثل أحزاب غير شعبية عليه أن يغتنم الفرصة التاريخية ويعيد عبر أدائه البرلمانى الزخم لحزبه بشكل يتماشى مع تطورات الحياة السياسية والحزبية.


والأهم هو الوصول إلى نخبة سياسية جديدة تستعيد الزخم لفكرة النائب التشريعى الذى يجيد استخدام أدواته الرقابية ويعتمد فى نجاحه على قيمة ما يقدمه لخدمة الصالح العام وليس "الشو الإعلامى" .


وإن كنت أرى أن من مهام مجلس النواب الجديد أن يهتم بتعزيز التعاون البرلمانى الدولى لإظهار حقيقة الوضع فى مصر ومواجهة حملات التشوية المنهجية ضدها فى برلمانات غربية ، وذلك عبر لقاءات واجتماعات وانشطة مشتركة معها ، وأن لا تتوقف الوفود المصرية عن زيارة البرلمان الأوروبى والكونجرس الأمريكى والبرلمانات الأفريقية والعربية .


وأن يكون البرلمان القادم منفتحاً على التعاون مع المكونات الحقوقية المصرية سواء المجلس القومى لحقوق الإنسان أو المنظمات المصرية حتى لا تتعارض التشريعات مع مواثيق حقوق الإنسان ، وأن تناقش تقاريرها تحت القبة ، وتوجيه الحكومة لما تحمله من تحذيرات باعتبارها تحديات عليها أن تواجهها وكذلك الرد الموضوعى على ما قد تحمله من ادعاءات ومعلومات غير دقيقة .


لقد حصل الشباب المصرى على فرصة ذهبية للتعبير عن نفسه وصياغة شكل المستقبل وفق أفكاره ، وبإمكانه تقديم تجربة مصرية ناجحة فى التمكين السياسى للعالم الذى يراقب التطورات المصرية عن كسب ، عليهم اغتنام الفرصة فى التغيير من داخل المطبخ التشريعى لمصلحة مصر أولا وأخيرا .