السبت 20 ابريل 2024

تجديد الفقه الإسلامى (7)

أخرى8-1-2021 | 00:18

أكذوبة إقامة الخلافة الإسلامية!


من الفيديوهات الشائعة على موقع "يوتيوب"، فيديو لزعيم الإرهاب في العراق أبي بكر البغدادي في الجامع الكبير بالموصل، (وقت قيام ما كانت تسمى الدولة الإسلامية "داعش"، والتى كانت تسيطر على مساحة كبيرة من العراق وسوريا)، والذي كان يعتبره أتباعه أميراً للمؤمنين وخليفة للمسلمين، وهذا الرجل كما نعلم كان يقود عمليات القتل والإرهاب والذبح في العراق وسوريا باسم الله ورسوله!، حتى مقتله فى الفترة الماضية. 


ومما شدّ انتباهي في هذا الفيديو ما يلي:

1- يظهر هذا الإرهابي وهو يصعد المنبر يتوشح الثياب السوداء تقليداً لخلفاء العباسيين الذين كانوا يلبسون الأسود إبّان حكمهم فى بغداد، وهو بذلك يغازل الشباب الواهم بالخلافة الإسلامية زاعماً أنه لا تطبق الشريعة إلا فيها!، ولا يُقام الدين إلا تحت حكمها كما يزعمون.


كما يظهر فى الفيديو حراس مدحجون بالسلاح وفى حالة استنفار كأنهم في حرب يحرسون قائدهم.


2- أسلوب خطاب البغدادى هو نفسه مضمون وأسلوب خطاب وعاظ السلفية والإخوان الذين ظهروا من سبعينيات القرن العشرين إلى اليوم "مجهولي النسب العلمى" لانعرف طريقة تكوينهم وتربيتهم علمياً سوى سفرهم للخليج ورجوعهم بتعصبٍ مذهبي، وخطابٍ زاعق ناعق، وتهويل فى التحريم، والتجريح فى خلق الله، والتوسع فى إنكار الفضل لأى أحد سواهم ومن تبعهم!، وبالتوازى جاؤا أيضاً بأموال لاحصر لها مجهولة الهوية والمصدر، زهدوا الناس فى الدنيا وهم رتعوا فيها كما يرتع البعير فى البريّة، أسسوا فضائيات وصحف لنشر دعوة هى أقرب ما تكون لمضمون خطاب البغدادى.


لقد تحدث البغدادى عن فضل الجهاد فى سبيل الله باعتبار أن الأمة كلها كافرة والمجتمع مرتد والدخول فى عقد الإسلام هو طبعًا مبايعة الخليفة وهو نفس أسلوب الجماعات الإسلامية فى تفسير آيات القرآن والسنة.


فما يخص الأمة يعتبرونه يخص الجماعة؛ فالأمة عندهم هى الجماعة وليست الأمة الاسلامية أو العربية أو المجتمع، والأخوة عندهم هي أخوة أفراد الجماعة وليست أخوة الإسلام، والآيات التى تأمر الأمة بالجهاد للذود عن عرضها وحدودها يوظفونها على أن المقصود منها من لم يدخل فى عقد ومبايعة الجماعة!.


راجعوا خطابات مرشدى الإخوان المسلمين عبر تاريخهم، وراجعوا مئات الخطب والدروس لمشايخ الجماعات!، ستجدونه نفس الخطاب ونفس النبرات ونفس المضمون.


وهذا الأسلوب حذرنا منه رسول الله صل الله عليه وسلم حينما قال: "يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وتحريف المبطلين".


لقد حرفوا وأولوا وجهلوا وضلوا.


3- لنا أن نتساءل؛ هل إقامة الخلافة الإسلامية كما يسمونها واجبة؟

والجواب ببساطة شديدة أنه لا يوجد نصّ فى القرآن أو في السنة يدل على أن الإسلام يفرض طريقة للحكم وسياسة البلاد والعباد! خلافة أو جمهورية أو مملكة، المهم أن يكون الحكم رشيداً.


وما ورد فى الصحيح أن رسول الله صل الله عليه وسلم، قال: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكاً عاضاً أو عضوضاً فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون ثم يرفعه الله إذا شاء أن يرفعه، ثم يكون حكماً جبريا فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعه الله إذا شاء أن يرفعه ثم تكون خلافة على منهاج النبوة".


هذه نبوءة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، تُبيّن ما سيحدث للأمة فى فترات تاريخية، ولكن لم يحدد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كيفية الخلافة ولا صورتها ولا صورة الحكم إنما تركها لظروف كل جيل وعصر.



لقد تحدث النبى، صلى الله عليه وسلم، عن الإمام او الحاكم العادل الرحيم.


وعن القيم الحاكمة للراعى والرعية، وأقام صلى الله عليه وسلم مجتمعاً إسلامياً في المدينة المنورة بعد الهجرة، يسوده العدل والرحمة وكل القيم الربانية التي ننشدها، قبل أن يُشرع الجهاد في سبيل الله من العام الثاني للهجرة، وهذا يدحض كل مزاعم كهنة الإرهاب والتشدد من أن الخلافة علي صورتها العباسية أو العثمانية تخلق المجتمع الصالح وتقيم دين الله!!، وبناء المجتمع الصالح يكون بالدعوة والرحمة والتسامح وبعد ذلك تتشكل الدولة بالطريقة التي تناسب العصر والمصر وفق شئون الظروف والعصور.


إن رشد المجتمع والناس كان قبل إقامة الخلافة الراشدة التي زكاها رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث، فلا الخلافة دليل رشدٍ وصلاح، ولا عدم وجود الخلافة دليل كفر وفجور، إنما المقياس الإسلامي هو إقامة العدل والأخلاق الفاضلة ، ووجود الحاكم العادل الصالح والمسلم الذي يسلم العباد والبلاد من لسانه ويده.

  

ولقد صدق هذا الحديث ما جاء فى واقع التاريخ أن المسلمين حكموا فى أكثر تاريخهم بالملك العضوص والملك الجبري ، ومع قيام دولة الخلافة فى عهد الأمويين وفى عهد العباسيين وفى عهد العثمانيين.


كثيراً ما ظلم الناس وضاعت حقوقهم وانتهكت محارم الله!!.


4- فارق كبير بين علماء الاسلام وكهنة الدين!

كهنة الدين يزهدون الناس فى الدنيا ويرتعون هم فيها!.


يضيقون على الناس فى دينهم ويشددون عليهم ولا يترخصون إلا عندما يرون مصالحهم السياسية والأيدلوجية.


فى عام 98 سمعت شريطًا لبعض وعاظ السلفية يحرم فيه التصوير الفوتوغرافى وكذلك التليفزيون تحريما قاطعاً،  وبعد ذلك بعدة سنوات كان نجماً فضائياً لنشر ما يعتقد للوصول إلى الحكم، والكثير من هؤلاء كان يعتبر الانتخابات من الشرك، ثم غيروا موقفهم حتى أصبح الإحتكام إلى الصندوق من شرع الله!.

 

كهنة الدين عندما يتراجعون عن فتاويهم وآرائهم لايتراجعون بالعلم أو عن علم!، إنما يتراجعون بالرخص والضرورة ليس كما يريد الله وإنما وفق اتباع أهوائهم.


وويل لمن عارضهم! سيطبقون عليه كل ما ورد فى القرآن والسنة فى الكافرين والفاسقين والأعداء!.


لا أنسى أبدًا يوم 15/4/2011 وقت أن منعني بعض أفراد الجماعات من صعود منبر مسجد النور وقبلها حشدوا فى مساجدهم للتواجد فى العباسية لإقامة شرع الله، ولخصوا نصرة الإسلام يومها في التعدي علي إمام مسجد ومنعه من أداء الخطبة!، وحُبست فى مكتبى ساعتين كاملتين فصعد المنبر كاهن منهم يبشر بالخلافة ويقول إما النصر وإما الشهادة ويتفاخر بانتزاع المسجد من الأوقاف؟!.


وجميعنا على علم بما يصنعه كهنة الإرهاب وجدي غنيم والقرضاوي وسلامة عبدالقوي وغيرهم!! من تحريض الناس على قتل الشرطة والجيش والإعلاميين تحت شعار الجهاد والثورة!!، وصدق في مثل هؤلاء هذا الحديث الشريف: "فعَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ وَفِي ثَوْبِ بِلاَلٍ فِضَّةٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ.‏ قَالَ: ‏"‏وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ"‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ"‏‏.‏ متفق عليه.


أما علماء الإسلام فخطابهم هو المحجة البيضاء لا اعوجاج فيه ولا مداهنة كما قال – صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة"، قلنا لمن؟، قال: "لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".


فاحذروا أيها الشباب: إذا كانت الجماعات الإرهابية تجند الشباب للإرهاب فيوجد عشرات من كهنة الدين بأسماء مشايخ يؤهلونهم فكرياً لقبول هذا التجنيد!.


كما أطالب بحذف باب الخلافة الإسلامية من المقررات الدراسية فقد كان تصنيفه له حدوده الزمانية والمكانية ولم يعد مناسباً على المستوى الشرعى والعصرى!. 

اللهم فاشهد أني بلغت.