السبت 20 ابريل 2024

2020.. شكرًا

أخرى25-12-2020 | 18:06

لقد كان عام الاقتراب من حافة الخطر.. بعضنا وقف على الحافة مراقباً الأهوال وتبدل الأحوال، وبعضنا سقط من فوق تلك الحافة ليرى ما لم تريه الدنيا إياه من قبل.. كان عام الألم وتجرع مرارته وتحمل أوجاعه.. كان عام القلق والخوف من المجهول القاتل وتبدُل قلوب الناس وأخلاقهم وسقوط الأقنعة.

إلا أنه مع كل ذلك كان عاماً عنوانه عناية الله وحفظه.. فنحن كنا في عناية الله في كل لحظة، لأن الأسوأ كان ممكناً لكنه لم يقع.. تخيل أنك رغم أهوال هذا العام الفارق كنت في نعمة؟!

نعمة تحتاج إلى الشكر وتقدير ما أحاطنا الله به من أوجه الرعاية

نعمة تتطلب من كل إنسان أن يسأل نفسه.. إذا كان كل هذا الذي مررنا به في 2020 ناتجاً عن هجمات هذا الكائن الميكروسكوبي الذي لا يرى بالعين بالمجردة على كوكبنا.. فما بالنا لو أن الأقدار قد سلطت علينا ما هو أكبر وأقوى؟!

لقد عشنا عاماً صعباً أبسط ما فيه القلق وكل ما فيه مغلفاً بالخوف.. رأينا الموت قريباً.. شممناه في الأنفاس.. سمعنا صوته مع حشرجات هي آخر ما خرج من فم أحباب ومشاهير وناس لم نعرف عنهم في عمرهم سوى البهجة. 

عام اقتربنا فيه من الموت واقترب منا ولكن قليلاً.. لم يكن الأمر سوى اقتراب خفيف من حقيقة الحياة الكبرى منا وهي الموت.. اقتربنا من الموت واقترب منا، فاقترب كثيرٌ من البشر إلى حقيقة كبرى وهي حياة ما بعد انتهاء الحياة. 

لا يمكن أن ننكر لعام 2020 فضل اقتراب الكثير من الله بكل ما يحمل هذا القرب من فضائل ونزوع إلى الحق والفضائل ومساعدة الآخرين.. بالفعل ستجد من نسى صلواته اليومية وصلته بالله قد عاد، وستجد من أعجب بنفسه وقوته قد عاد، وستجد من ألف النعمة واعتقد في طول بقائها قد عاد.. وتلك هي النفس البشرية تحتاج إلى منبهات وأجراس إنذار من وقت لآخر، و قد كان عامنا المقبل على نهايته كذلك فعلاً.. عام التنبيه والانتباه.. صحيح أنه شهد انكشافاً لمن لم يحتمل حرارة قسوة الحال حين لفحت وجهه.. صحيح أن الناس قد انقسموا إلى صنفين في 2020 صنف الثبات وذلك زادته الحرارة لمعاناً وصلابة وصنف الانصهار وذلك ذابت ألوانه البلاستيكية سريعاً التي طالما زينت خارجه ليظهر معدنه الذي لم يكن ليظهر إلا في لحظة الأزمة.. ستجد هؤلاء في كل مكان.. في العمل.. في دائرة الأصدقاء وحتى الأهل.. وستشكر الله لأنك قد شهدت لحظة نادرة من الانكشاف فرأيت الصورة واضحة حولك بعد سنوات سادتها الغيوم وسحابات النفاق وزيف مساحيق التجميل.. إنه عام الحقيقة.. أظهرت قسوته حقيقة الأشياء والعلاقات والبشر والمبادئ.

وحتى مع اتساع رقعة الموت وزيادة أعداد الموتى ومع الحزن والقسوة وضيق الحال.. كان من الممكن أن يكون في الدنيا ما هو أسوأ ويكفيك أنك قد اقتربت من الله ويكفيك أنك قد عرفت حقيقة البشر ويكفيك أنك قد صبرت فانتظر الفوز فهو جزاء الصابرين.. لذلك لا مجال وهي تجمع حقائبها لترحل سوى أن نشكر هذه السنة على ما تعلمناه فيها.. فشكراً رغم الألم.. شكراً 2020.