الخميس 25 ابريل 2024

للحروب زوايا أخرى!

أخرى22-12-2020 | 13:35

للحروب وجوه أخرى، للحروب قيم بخلاف النصر والهزيمة، فهناك قيم الحب والصداقة والتضحية والوفاء، أثناء الحروب والصراعات السياسية والعسكرية دائما وابدا تظهر معاني إنسانية ومشاعر فريدة وهناك مئات وآلاف القصص والنماذج التي تجسد تلك المعاني، الفترة في مصر بين عامى 1967 و1974 مليئة بالأحداث والتي يمكن رصدها وتحليلها أدبيا وتاريخيا، وذلك ليس لتوثيق البطولات المصرية فحسب، بل لإنشاء أرشيف وطني للأجيال القادمة، والاستفادة من تلك الفترة لاتخاذ القرارات في الظروف المشابهة.


دائما ما أجد أن يوم 5 أكتوبر1973 وهو اليوم الحاسم في صناعة قرار الحرب كيف كان يفكر القادة والمسئولين عن الحرب، وماهي احتمالات النجاح والفشل، كيف كان الجانب الإنساني الآخر من حياتهم كأفراد طبيعين في المجتمع، خلال هذه الفترة كيف فكر كل فرد يوم العبور العظيم وكيف طلب البعض منهم الشهادة في سبيل الله والتضحية بالعمر وهو في عمر الشباب لأجل هدف عظيم ونبيل، توجد العديد من النماذج الخاصة جدآ والتي لا يمكن أن تنسى من الذاكرة الوطنية، أذكر القليل منها ويتبقي المئات من القصص والروايات الإنسانية والتي تقرأ بين السطور.


البطل المصري الشهير رأفت الهجان والبعد الإنساني وحتى وفاته لم تكن زوجته تعلم طبيعة شخصيتة الحقيقة ودوره الحقيقي، حيث ترك لها رسالة أنه يحبها كثيرا، وأنه يعرف مدى قسوة الألم التي ستعيشها بعد وفاته، زواج عن حب استمر أعوام كثيرة، ولكنه كان يخفي الكثير من الحقائق الهامة والتي كانت من متطلبات عمله الخاص جدا.


الطيار عاطف السادات شقيق الرئيس السادات والذي استشهد في الضربة الجوية في حرب أكتوبر 1973، وللحظات قليلة، ماذا كان يدور في رأسه؟ عندما تم ضرب طائرته، هل كان يفكر في القفز من الطائرة والنجاه بحياته؟ وهذا يعني أن يقع في الأسر بنسبة كبيرة جداً، واذا حدث ذلك كيف كان يمكن للعدو أن يسوق هذا، وكيف يمكن أن بكون تأثير هذا علي الروح المعنوية علي القوات المصرية. 


كما أن هناك بطولة فريدة ليس فقط لكونها معجزة عسكرية وليس لهدفها النبيل لتحرير الأرض المحتلة، بل لأنها تحمل في داخلها ملحمة إنسانية نادرة تجسد معنى الصداقة والوفاء عندما رفض الملازم نبيل عبد الوهاب في أحد عمليات الإغارة علي ميناء إيلات ترك جسد زميله الرقيب فوزي البرقوقي في الماء بعد استشهاده نتيجة تسمم في الأوكسجين بعد تركيب اللغم بالسفينة، وسحب جثته أكثر من 16 كليو مترا، ليدفن بمصر، ولا يزال يزور قبره حتي اليوم، جسد هذه البطولة بشئ من المعلومات المغلوطة نسبياً فيلم الطريق الى إيلات وهو فيلم خالد في تاريخ السينما المصرية، ملحمة تجسد الصداقة النادرة في ظروف استثنائية.


ما هو الرابط العجيب بعد مرور ما يقرب من نصف قرن تقريباً أن يبكي أحد المحاربين القدامى لمجرد أنه تذكر أصدقاءه الشهداء في حروب مصر في تلك الفترة معاني وقيم نبيله لم تأخذ القدر الكافي من الدراسة والتحليل!

    Dr.Randa
    Dr.Radwa