الجمعة 19 ابريل 2024

المعارضة فى مجلس نواب 2021

أخرى12-12-2020 | 15:30

انتهت الانتخابات البرلمانية المصرية بمفاجأت سياسية عديدة ، منها اختفاء نموذج نائب "الشو الإعلامى " ، النائب الذى يظهر فى وقت معين خلال الجلسات معلناً تأييده أو معارضته لقانون أو موقف معين لمغازلة الرأى العام المتأرجح ، أو السوشيال ميديا ليصبح "ترند" بحثا عن البريق واللمعان المزيف دون عمل سياسى حقيقى أو فعلى لخدمة الوطن والناس .


لقد عانت الحياة السياسية المصرية خلال السنوات الماضية من نخبة سياسية صنعتها فترة الفوضى التى أعقبت أحداث 25 يناير وما شهدته من مواءمات مع جماعة الإخوان الإرهابية ثم الانقلاب ضدها مع بزوغ شمس 30 يونيو ، أشخاص طفت على سطح الأحداث بدون تاريخ سياسى ومن خارج الأطر الحزبية والأيدولوجية صاحبة البصمة التاريخية فى السياسة المصرية سواء الليبرالية  بزعامه حزب الوفد العريق أو اليسارية بقيادة حزب التجمع ، ثم وجدناها فى البرلمان تدعى المعارضة أو الموالاه دون برنامج واضح أو تأسيسا على انتماء سابق لتيار أو أيدولوجية سياسية معينة .


إلا أن قدرة المصريين على الفرز كانت أسبق من الجميع ووجدنا كثير من تلك النماذج تخسر الانتخابات بأصوات الناس الذين انتخبوهم فى المرة السابقة ، ولأنهم لايؤمنون بالتغيير الديمقراطى المبنى على قبول حكم الصندوق الانتخابى فى حالة الخسارة ، كان متوقعاً منهم التشكيك فى النتائج والادعاء بوجود تلاعب رغم أن الصندوق لم يتغير فى الحالتين والإشراف القضائى متحقق والمراقبة الدولية تشيد بالنزاهة والشفافية فكيف يكون نزيها فى حاله الفوز وغير ذلك فى حالة الخسارة ، وهو نفس السؤال المعلق من زمن الإخوان ، وهو كيف أن الديمقراطية معناها فوزهم بالانتخابات أما غير ذلك فهو تزوير!


هذه النماذج اقتربت من الإخوان ، وتعلموا منها الكذب والتدليس والدجل واقحام الدين فى السياسة والأخطر كراهية الدولة المصرية الوطنية ، ولذلك كان المنطقى أن تجد الإخوان الهاربين من الداعمين لهم والمتباكين على خسارتهم .


قدمت هذه النماذج شكلاً من أشكال المعارضة المشوهة التى تستغل حصانتها البرلمانية للتطاول على الآخرين سواء على الدولة ومؤسساتها ورموزها او على الجانب الآخر التطاول على خصومها سواء فى السياسة أو الرياضة بما يحقق مصالحها الشخصية لا المصلحة العامة .


وبالتالى لم تكن فى البرلمان السابق معارضة بالمعنى المتعارف عليه فى التجارب الديمقراطية العريقة ، بل كان لدينا نموذج مشوه للمعارضة التى تبحث عن الشو الإعلامى ، كما أننا لا نستطيع أيضا أن نقول أن لدينا موالاه لأن البرلمان لم يشكل الحكومة ، لكن كان الغالب على أداء البرلمان السابق الاحساس بدقة اللحظة السياسية وبناء الدولة المصرية على أسس جديدة وبناء تجربة ديمقراطية تتناسب مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية ولذلك كان الأداء تغلب عليه روح التوحد بين البرلمان والدولة بمعنى أن البرلمان مثل الظهير السياسى للدولة المصرية مع مراعاه عدم ظهور حزب حاكم حتى لايثير شجون تجارب سابقة رفض الشارع السياسى المصرى عودتها .


الواقع يقول بعد ظهور مؤشرات غير رسمية لنتائج المحطة الأخيرة للانتخابات أن نسبة التغيير فى المجلس القادم وصلت إلى أكثر من 70 % وهو ما يعنى تغيير شامل للنخب السياسية مع نجاح عدد من المرشحين المنتمين إالى المعارضة المصرية التقليدية المنتمية لحزبى التجمع أو الوفد فضلا عن وجود شخصيات معارضة نجحت على القائمة الوطنية التى أعطت لكل الأحزاب المصرية فرصة للتمثيل البرلمانى ومن ثم تقوية تواجدها السياسى.


معنى ذلك أن هناك معارضة قادمة فى مجلس نواب 2021 ستخضع بالتأكيد للتقييم وإن كنا نأمل فى نجاح تجربة بناء الكادر السياسى التى أرستها تنسيقية شباب الأحزاب الحصان الأسود فى البرلمان القادم والتى دفعت بعدد كبير من شباب الأحزاب والسياسيين إلى العمل البرلمانى ، ونجاحهم سيترتب عليه تغيير جلد الحياة السياسية المصرية والاقتراب من تأسيس تجربة سياسية وديمقراطية تبتعد عن نائب "الشو الإعلامى" و تتناسب مع تطور الدولة المصرية وتحدياتها المتجددة .