الجمعة 19 ابريل 2024

قطر تدفع للزمّار

أخرى4-11-2020 | 15:34

صدر في بريطانيا، قبل سنوات، كتاب مهم بعنوان "من الذي دفع للزمّار؟"، واقترب من موضوع في غاية الخطورة، وهو استخدام القوى الناعمة في الحرب الباردة بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية، وكيف تم توظيف المراكز الثقافية والعلمية في عمليات تشويه الخصم، وعرضت المؤلفة البريطانيّة "ف. اس. سوندرز" دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في محاصرة الشيوعيّة في أوروبا، عبر دعاية احترافيّة تستهدف الأفكار والأشخاص.


وإذا طبقنا ما يسرده الكتاب من حقائق، نجد أن قطر تسير على نفس المنهج لتشوية مصر، ودول الرباعي العربي؛ فهي تشتري مراكز الأبحاث الأمريكية عبر المال السياسي العابر للدول، والذي يُقدَّم على هيئة تبرعات، أو هبات، أو دعم، وإنشاء أفرع إقليميّة لتلك المراكز في المنطقة العربية، مما يسهّل سيطرة قطر على المركز وباحثيه، وتوجيهم إلى مهاجمة مصر عبر دراسات وأبحاث غير واقعية، هدفها الوحيد هو تشويه حقيقة الأوضاع في مصر وإخفاء التطوّر الحاصل في المجالات كافة.


ومركز "كارنيجي" للدراسات ليس بعيدًا عن ذلك، فهو موجود في دائرة المال القطري، وكلمة السر هي "يزيد صايغ"، كبير باحثي المركز، البريطاني الجنسية، وأحد الضيوف الدائمين في قناة الجزيرة، للهجوم الممنهج على الدولة المصرية، ومؤسساتها، وهو نفس الشخص الذي كان مسئولا قبل ثلاثة أعوام عن تنظيم منتدى دولي للدراسات تحت عنوان "تركيا- قطر.. رؤية استراتيجية لأجل سياسات الدفاع المشتركة والأزمات الإقليمية"، بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة القطرية، ويُعد المركز ركيزة تفاهم للسياسات التركية - القطرية في المنطقة وكان يزيد يمثل "كارنيجي" في ذلك المنتدى.


ولا يفصح "كارنيجي" كأغلب مراكز الأبحاث الأمريكية عن مصادر تمويله بشكل دوري، وربما هي معروفة لواشنطن لكن فرع بيروت ربما لا يخضع لآليات الرقابة الأمريكية، وبالتالي تستطيع قطر أن تُحرّكه إلى حيثما تشاء وفق أجندتها الخاصة في مقابل المال الذي تدفعه للباحثين في المركز، وأغلبهم ضيوف على قنوات الدوحة، وتركيا ومهمتهم معروفة وهي الهجوم على مصر.


وفضلًا عن أن غالبية ما يُصدَر عن المركز من دراسات وأبحاث يتم تناوله وترويجه إعلاميا عبر "الجزيرة"، ومنصاتها المختلفة، بالإضافة إلى باقي منصات الإعلام القطري في اسطنبول، ولندن، مع التركيز على الشأن المصري تحديدًا لتتحوّل تلك الدراسات غير الواقعية إلى أخبار تتردد على السوشيال ميديا، والبعض يتعامل معها بجديّة دون أن يعرف خلفيّتها.


"قطر تدفع للزمّار".. ويلعب دور الزمّار مراكز أبحاث ودراسات أمريكية يتم شرائها من اجل التشويه، وبثّ الأكاذيب والشائعات في إطار أصبح معروفًا كجزءٍ من حروب الجيل الرابع التي تسعى لتشويه الوعيّ وتدمير الدول.