الأربعاء 24 ابريل 2024

قصة لقائي الأول والأخير مع الأمير فيصل بن فهد (2-2)

مقالات18-5-2022 | 13:05

في أول يوم شفت فيه الأستاذ عبد العزيز شرقي مؤسس ورئيس تحرير "الرياضية" أول جريدة رياضية سعودية عزمنا علي العشاء، ربيع أبو الخير وخالد قاضي الصحفي النابه بالرياضية، صاحب أخف دم في الرياضي، وربما في الصحف السعودية كلها.

 قبل أن تنزل أطباق وسلاطات العشاء الفاخر، عرفت عرضًا من صاحب العزومة أن الأستاذ إبراهيم حجازي أوصاه عليا بشدة.

خلصت العزومة اللي كانت زي ما قلت من شوية فاخرة "فاخرة جدا".. بعدها بكام يوم لقيت ربيع بيقولي إمبارح عبد العزيز شرقي قالي: قول لسليمان عندنا بكره مشوار مهم جداً مع شخصية كبيرة مرموقة الساعة الواحدة ظهراً.. لم يقل شرقي أكثر من هذا، وبالتالي لم يسأله ربيع .

الساعة 12 كنت أدخل مكتب رئيس تحرير الرياضية، نزلنا، في سيارته كشف لي السر.. سمو الأمير فيصل بن فهد لما عرف بوجودك للعلاج على نفقة الملك فهد، طلب مني أن يراك ليرحب بك شخصياً.

دخلنا من الباب الرئيسي لمقر الرئاسة العامة لرعاية الشباب بجدة التي يترأسها صاحب السمو الملكي فيصل بن فهد أكبر أبناء الملك.

في الأسانسير لقيت نفسي باقول في سري: إيه اللي بيحصل معايا ده؟ نسيت كل حاجة وحشة حصلت لي منذ 1994.. ونسيت أنني استقلت مضطراً بسبب محاولات القهر التي تعرضت لها.. الحاجة الوحيدة اللي ظلت تطاردني في الأسانسير هي: يا سبحان الله.. الملك فهد يأمر بعلاجي وابن الملك طالب يشوفني ويسلم عليا.. إيه الهنا ده كله اللي أنا فيه ده؟

كانت الساعة داخلة على واحدة.. سكرتارية سمو الأمير أدخلتنا إلى صالون فخم.. فجأة لقيت قصادي أمير الشباب العربي يهل علينا.. مبتسماً رحب بي: أنت طبعاً من أسوان؟ لم يكن يسأل.. أنا معايا ناس كتير من أهالي النوبة الكرام.. النوبيون دول أحسن ناس زي ما حبايبنا الصعايدة في مصر ما بيقولوا.

لم يقل الأمير فيصل مصر وسكت.. فضل يتكلم عن عشقه لأهل مصر وشعب مصر وقيادة مصر.. وقالي: أنا زرت مصر كتير قوي.. وقعدت فيها أيام كتيرة أكتر من أي بلد عربي آخر.. أنا كل ما أشتاق لناس مصر أقولهم: يلا على مصر.. مصر فعلاً أم الدنيا يا أستاذ سليمان!

أنت صحفي في مجلة المصور زي ما الأستاذ عبد العزيز قالي.. أنا علي فكرة عندي في مكتبتي الخاصة كل المجلدات التاريخية والأعداد الوثائقية الخاصة اللي أصدرتها مؤسسة دار الهلال أيام فكري باشا أباظة وأحمد بهاء الدين بل منذ تأسيسها عام 1892.. دي دار صحفية عريقة.. وكان نفسي أحضر بنفسي معاكم احتفاليتكم بالعيد المئوي لدار الهلال من كام سنة (1992) اللي زاركم فيها الرئيس مبارك.. أمانة عليك يا أستاذ سلم لي كتير قوي علي الأستاذ محيي الدين فكري (الناقد الرياضي الشهير لمجلة المصور)، حاضر سموك، وبالفعل وصلت سلام وتحيات الأمير فيصل للأستاذ محيي بمجرد أن عدت إلى قاهرتي.

لما عرف الأمير فيصل أنني مستقيل من دار الهلال منذ 20 شهراً بص للأستاذ شرقي وقاله: أكيد أنت محتاجه معاك في الرياضية.. ولا تحب تروح جورنال الشرق الأوسط.. ولا أكلم الأستاذ مكرم ترجع دار الهلال؟ فجأة وجدت نفسي أمام عروض مغرية للغاية لم أكن أتصورها.. لكنني لم أجب.. لأنني داخلياً كنت حاسس أنني كالسمك لا يمكن أن يعيش أبداً خارج الماء.. خارج الوطن.

سكت لحظات.. وقلت لسمو الأمير: نفسي أعمل مع سموك حوار إنساني شامل مش رياضي بحت.. رد الأمير مبتسماً: معنديش مانع أبداً بس أنت دلوقتي في مهمة خاصة بعلاجك.. طمني عاملين إيه معاك في مستشفى الملك فهد.. العلاج ماشي كويس ولا فيه تقصير منهم؟

قلت للأمير فيصل بصراحة الدكتور عاشور (مدير المستشفي وقتها) عامل الواجب وأكتر.. ونائبه د. عبد الرحمن الخياط (مدير مديرية الشئون الصحية بإمارة مكة المكرمة التي تضم مكة وجدة والمدينة) مش مخليني عاوز حاجة.. علق سمو الأمير: طبعاً.. أصل الدكتور عبد الرحمن بيعشق مصر وبيحب المصريين زيي هو كمان .

وظل الأمير فيصل رحمه الله يتحدث معي عن ذكرياته مع مشاهير أهل السياسة والثقافة والرياضة في مصر، قال: قرأت كل كلمة كتبها الأستاذ أنيس منصور سواء في عموده مواقف أو كتبه الشهيرة.. وباحب قوي الأسلوب الساخر للأستاذ محمود السعدني.. ويومياً أقرأ الأخبار من صفحته الأخيرة بمقال فكرة للأستاذ مصطفي أمين.. صداقاتي قوية للغاية مع شخصيات مصرية كثيرة.. أعتز مثلاً بصداقتي القوية القديمة مع كابتن صالح سليم "المايسترو زي ما بتقولوا عليه وإحنا كمان بنقول عليه".

طال اللقاء أكثر مما كان مقرراً له.. كان لقاء عفوياً وطبيعياً جاء بدون ترتيب.. وجدت نفسي أقول: سمو الأمير أشكرك علي استقبالك الطيب الكريم.. وأسمح لي أن أقولها بصدق: "ما قصرتم فعلاً ما قصرتم".

وخرجت من صالون الأمير لأجد مدير مكتبه يقول لي: تسمح لي أستاذ سليمان تقبل هذه الهدية المتواضعة من سمو الأمير فيصل.. قلت: يقولون النبي قبل الهدية.. وليس بعد هذا القول كلام.. أي كلام !

Dr.Randa
Dr.Radwa